قال الله تعالى: " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً " . قال ابن عباس رضي الله عنهما ليس معنى أضاعوها تركوها بالكلية ولكن أخروها عن أوقاتها. وقال سعيد بن المسيب إمام التابعين رحمه الله: هو أن لا يصلي الظهر حتى يأتي العصر ولا يصلي العصر إلى المغرب ولا يصلي المغرب إلى العشاء ولا يصلي العشاء إلى الفجر ولا يصلي الفجر إلى طلوع الشمس. فمن مات وهو مصر على هذه الحالة ولم يتب وعده الله بغي وهو واد في جهنم بعيد قعره خبيث طعمه. وقال الله تعالى في آية أخرى: " فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون " أي غافلون عنها متهاونون بها. وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذين هم عن صلاتهم ساهون قال: " هو تأخير الوقت " . أي تأخير الصلاة عن وقتها سماهم مصلين لكنهم لما تهاونوا وأخروها عن وقتها وعدهم بويل وهو شدة العذاب وقيل: هو واد في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة حره وهو مسكن من يتهاون بالصلاة ويؤخرها عن وقتها إلا أن يتوب إلى الله تعالى ويندم على ما فرط وقال الله تعالى في آية أخرى: " يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون " .
وقد ورد في الحديث: " إن من حافظ على الصلوات المكتوبة أكرمه الله تعالى بخمس كرامات يرفع عنه ضيق العيش وعذاب القبر ويعطيه كتابه بيمينه ويمر على الصراط كالبرق الخاطف ويدخل الجنة بغير حساب " . ومن تهاون بها عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة خمس في الدنيا وثلاث عند الموت وثلاث في القبر وثلاث عند خروجه من القبر فأما اللاتي في الدنيا فالأولى ينزع البركة من عمره والثانية يمحي سيماء الصالحين من وجهه والثالثة كل عمل يعمله لا يأجره الله عليه والرابعة لا يرفع له دعاء إلى السماء والخامسة ليس له حظ في دعاء الصالحين وأما اللاتي تصيبه عند الموت فإنه يموت ذليلاً والثانية يموت جائعاً والثالثة يموت عطشاناً ولو سقي بحار الدنيا ما روي من عطشه وأما اللاتي تصيبه في قبره فالأولى يضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه والثانية يوقد عليه القبر ناراً يتقلب على الجمر ليلاً ونهاراً والثالثة يسلط عليه في قبره ثعبان اسمه الشجاع الأقرع عيناه من نار وأظفاره من حديد طول كل ظفر مسيرة يوم يكلم الميت فيقول أنا الشجاع الأقرع وصوته مثل الرعد القاصف يقول أمرني ربي أن أضربك على تضييع صلاة الصبح إلى طلوع الشمس وأضربك على تضييع صلاة الظهر إلى العصر وأضربك على تضييع صلاة العصر إلى المغرب وأضربك على تضييع صلاة المغرب إلى العشاء وأضربك على تضييع صلاة العشاء إلى الصبح. فكلما ضربه ضربة يغوص في الأرض سبعين ذراعاً فلا يزال في الأرض معذباً إلى يوم القيامة. وأما اللاتي تصيبه عند خروجه من قبره في موقف القيامة فشدة الحساب وسخط الرب ودخول النار وفي رواية فإنه يأتي يوم القيامة وعلى وجهه ثلاثة أسطر مكتوبات السطر الأول: يا مضيع حق الله السطر الثاني: يا مخصوصاً بغضب الله السطر الثالث: كما ضيعت في الدنيا حق الله فآيس اليوم من رحمة الله. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا كان يوم القيامة يؤتى بالرجل فيوقف بين يدي الله عز وجل فيأمر به إلى النار فيقول يا رب لماذا فيقول الله تعالى: لتأخير الصلاة عن أوقاتها وحلفك بي كاذباً.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوماً لأصحابه: اللهم لا تدع فينا شقياً ولا محروماً ثم قال صلى الله عليه وسلم: أتدرون من الشقي المحروم قالوا: من هو يا رسول الله قال: " تارك الصلاة " . وروي أنه أول من يسود يوم القيامة وجوه تاركي الصلاة وإن في جهنم واديا يقال له " الملحم " فيه حيات كل حية ثخن رقبة البعير طولها مسيرة شهر تلسع تارك الصلاة فيغلي سمها في جسمه سبعين سنة ثم يتهرى لحمه.